من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح
كاتب الموضوع
رسالة
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 1:44 pm
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له. و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله. -( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )- -( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحامَ إن الله كان عليكم رقيباً )- -( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )- أما بعد فيسرّني من باب نشر الخير أن أقدّم لكم :
.:. محاضرة للشيخ محمد بن صالح المنجّد حفظه الله ، و هي جزء من سلسلة للتعريف بعلماء الأمة و سيرهم .:. .:. المصدر :- سلسلة ميراث الأنبياء .:. .:. مصدر تفريغ المحاضرة :- إسلام ويب .:. .:. تصميم :- فاعلوا خير جزاهم الله خيراً .:.
الحمد لله رب العالمين، و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين... و بعد: فالحمد لله الذي قيض لهذه الأمة رجالاً ينيرون لها الطريق ، و يحيون السنة، و يميتون البدعة ، و يجددون الدين ، و يتخلقون بأخلاق الأنبياء ، فيكونون قدوة للناس ، و مصلحين لأحوالهم ، و معلمين لهم ، و مذكرين لهم بربهم . و لا شك أن التعرف على سير هؤلاء العلماء الأجلاء من الأمور المطلوبة للإنسان المسلم ليقتدي ، و تنوُّع القدوات مهمٌّ ؛ لأن كل قدوة قد يكون له جانب من التفوق ليس عند الآخر ، فإذا حرص الإنسان على تتبع أحوالهم ، إجتمع فيه الخير . و حديثنا في هذه الليلة -إن شاء الله تعالى- عن الإمام العلم الحسن البصري رحمه الله تعالى .
و اسمه: الحسن بن يسار . يلقب بـالبصري ، و يُدعى تارة : بـابن أبي الحسن . و كنيته رحمه الله : أبو سعيد . و أبوه اسمه : يسار ، كان مولىً لـزيد بن ثابت في أحد الأقوال. و أمه : خَيْرَة ، كانت مولاة لـأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.
يسار تزوج بـخَيْرَة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فولدت له الحسن لسنتين بقِيَتا من خلافة عمر رحمه الله . و قال يونس عن الحسن : b]قال لي الحجاج : ما أمدك يا حسن ؟ قلت : سنتان من خلافة عمر ] . و كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة ، فعندما تحتاج أم سلمة إلى شيء تبعث إليه أم الحسن ، و يبقى الولد عند أم سلمة رضي الله عنها، فيبكي و هو طفل، فتسكته أم سلمة بثدييها ، و تخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو صغير ، و كانت أمه منقطعة لخدمة أم سلمة ، فكان الصحابة إذا أُخرج إليهم الحسن رضي الله عنهم يدعون له ، فقيل : إنه أُخرج لـعمر رضي الله عنه، فدعا له ، و قال: [ اللهم فقهه في الدين، و حببه إلى الناس ] . قال ابن كثير رحمه الل ه: و أمُّه خَيْرَة مولاة لـأم سلمة ، كانت تخدمه ا، و ربما أرسلتها في حاجة فتشتغل عن ولدها الحسن و هو رضيع ، فتشاغله أم سلمة بثدييها ، فيدران عليه . و هذه مسألة تحصل في الواقع ، من أن المرأة الكبيرة حتى لو انقطعت عن الزوج و عن الولادة بسبب الحنان قد يدر لبنها ، و لذلك تكلم العلماء في حكم هذا اللبن ، و اختلفوا هل له حكم أم لا؟ و هل تكون أماً له من الرضاع ؟ و هل تثبت به المحرمية ؟ و كانوا يرون أن تلك الحكمة و العلوم التي أوتيها الحسن من بركة رضاعته من أم سلمة رضي الله عنها ، من الثدي المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم . و نلاحظ كذلك أثر بركة دعاء الصحابة رضي الله عنهم لهذا المولود ، و كيف نشأ و صار بعد ذلك . و لذلك يجب أن يكثر الإنسان من الدعاء لذريته ، فقد يكون صلاحهم بدعائه ، و دعوة منه قد تكون سبباً لصلاح الولد ،و لذلك ندعو لهم و لا ندعو عليهم . و في كلام كثير من الصالحين دعاء للذرية ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ) [ الفرقان: 74] .
كان الحسن رحمه الله في خلقته رجلاً جميلاً وسيماً ، قال محمد بن سعد يصفه : كان الحسن رحمه الله جامعاً ، عالماً ، رفيعاً ، فقيهاً ، ثقةً ، حجةً ، مأموناً ، عابداً ، ناسكاً ، كثيرَ العلم ، فصيحاً ، جميلاً ، وسيماً . و قال الذهبي : قلت : كان رجلاً تامَّ الشكل ، مليحَ الصورة ، بهياً ، و كان من الشجعان الموصوفين. و قال أبو عمرو بن العلاء : نشأ الحسن بـوادي القرى ، و كان من أجمل أهل البصرة ، حتى سقط عن دابته فحدث بأنفه ما حدث . و قال الشعبي لرجل يريد قدوم البصرة : إذا نظرت إلى رجل أجـمل أهل البصرة ، و أهيبهم ، فهو الحسن ، فأقرئه مني السلام . و قال الأصمعي عن أبيه "ما رأيت زنداً أعرض من زند الحسن البصري ، كان عرضه شبراً " و هذا يدل على اكتمال خلقته و قوته و جسمه رضي الله عنه ورحمه .
كان يرافق بعض المشهورين بالشجاعة ، كـقَطَرِي بن الفجاءة ، و المهلب بن أبي صُفْرة ؛ و لذلك تعلم الشجاعة و تربى عليها . قال هشام بن حسان : كان الحسن أشجع أهل زمانه.
و قال جعفر بن سليمان : كان الحسن من أشد الناس ، و كان المهلب إذا قاتل المشركين يقَدِّمُه . فهذه ميزة في الحسن رحمه الله ، و هو معروف برقة القلب و بالوعظ ، و لو سألت إنساناً و قلت له: ما هو انطباعك عن الحسن ؟ فسيقول لك : هو زاهد و واعظ . و هذا صحيح ؛ لكنه قلَّما يُعرف بأن الحسن كان رجلاً شجاعاً مقداماً مقاتلاً ، و كان يُقَدَّم في القتال ، كان قوي البنية ، شديد البأس ، و هذا يدل على أن الإنسان الزاهد الواعظ ليس من طبعه الضعف ، و لا تلازم بين ضعف البدن و الزهد و أن يكون واعظاً ، فقد يكون الإنسان واعظاً رقيق القلب ، و هو من أشجع الشجعان ، و لا تعني الشجاعة و قوة الجسد غلظة القلب بالضرورة أبداً . كما أن رقة القلب و كثرة البكاء من خشية الله تعالى و الوعظ لا تعني أن الواعظ يجب أن يكون ضعيف البدن ، ل ا. فهذا الحسن رحمه الله قوي البنية ، و مع ذلك فهو رقيق القلب للغاية . و أما من جهة الجهاد، فإنه رحمه الله كان كثير الجهاد و يخرج للقتال ، و لذلك لا انفصام بين العالم و المجاهد ، لا انفصام بين الوعظ و الجهاد ، كلها أمور تجتمع في شخصيات السلف رحمهم الله .
أما فصاحته و بلاغته ، فإنه رحمه الله تعالى كان فصيحاً بليغاً . قال حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء . و هذا الفرق بين من يخرج كلامه من القلب بنور الكتاب و السنة ، و بين من يخرجه بتكلف كأنه يقيء قيئاً . و قال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن البصري ، و من الحجاج بن يوسف الثقفي ، فقيل له: فأيهما كان أفصح؟ قال: الحسن . و قال له رجل: أنا أزهد منك و أفصح ، قال b]أما أفصح فلا ] - الزهد لا أزكي نفسي به ؛ أما الفصاحة فنعم - .. قال : فخذ عليَّ كلمة واحدة ، قال b]هذه ] . أي: التي أنت قلتها الآن. و قيل للحجاج : من أخطب الناس ؟ قال : صاحب العمامة السوداء بين أخصاص البصرة . يعني: الحسن رحمه الله تعـالى .
و من جهة لباسه و زينته و طعامه ربما يظن بعض الناس أن الحسن عندما كان واعظاً ، أنه يلبس أسمالاً بالية و ثياباً مرقعة ؛ و لكن الرجل كان جيد اللباس ، ليس عنده تعارض بين الزهد و بين جودة اللباس و جماله ، فقال ابن عُلَي عن يونس : كان الحسن يلبس في الشتاء قباءً حِبَرَة ، و طيلساناً كردياً ، و عمامة سوداء ، و في الصيف إزارَ كتَّانٍ ، و قميصاً ، و برداً حِبَرَة . و قال أيوب : ما وجدتُ ريح مرقة طُبِخَت أطيب مِن ريح قِدر الحسن . و قال أبو هلال : قلَّما دخلنا على الحسن ، إلا و قد رأينا قِدراً يفوح منه ريح طيبة . و كان يأكل الفاكهة ، فلم يكن الحسن صوفياً مثل هؤلاء الصوفية الذين يتعمدون أن يُرى عليهم اللباس البالي و المرقع ، و لا يأكلون اللحم و لا الفاكهة ، بل كان يعتني بأمر حاله ، و يتجمل لإخوانه ، كيف و هو يُغْشَى ؟! فالواحد إذا كان لوحده ربما يلبس ما شاء ، لكن إذا كان يتصدى للناس ، و يأتونه و يسألونه ، و يقتربون منه ، و يجلسون حوله ، فلا بد أن يكون طيب الرائحة ، حسن الثياب ، يتجمل للناس ، حتى يحبوه . و لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم في الأعياد و الجُمع يتزين . أرْسِلَت إليه جُبَّة، فعرض عليه عمر رضي الله عنه أن يلبسها و يتزين بها للوفود ؛ لأن الناس يهتمون بالمظاهر ، و لا يناسب أن يكون العالم مظهره رث ، و هيئته بالية ، و رائحته غير طيبة ، و ثيابه غير نظيفة ، بل إنه يكون نظيف الثياب ، طيب الرائحة ؛ لأنه يُغْشَى و يُخْتَلَط به ، و هكذا يجب أن يكون الدعاة إلى الله الذين يأتون إلى الناس و يخالطونهم ، فيجب أن يكون أحدهم كالشامة بين الناس ، لا بأس أن يكون ثوب أحدهم حسناً ، و نعله حسنة ، و رائحته طيبة ، و ثيابه مرتبة ، لكن الإنكار على مَن أسرف ، ( كُلْ ما شئت ، و البس ما شئت ، ما أخطأتك خصلتان : سَرَفٌ ، و مخيلة ) المشكلة في السَّرَف و الخُيَلاء ، و إضاعة الأموال في التوافه ، و وضع المال في شيء لا يستحق ؛ كالمبالغة في الزينة ، و الزخرفة . قال قتادة : دخلنا على الحسن و هو نائم ، و عند رأسه سَلَّة ، فجذبناها ؛ فإذا فيها خبز و فاكهة ، فجعلنا نأكل ، فانتبه - أي : من النوم - فرآنا ، فتبسم - ارتاح جداً أن يرى إخوانه يأكلون من طعامه ؛ لأنه يؤجر - و هو يقرأ: ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [النور:61] إشارة إلى الآية التي فيها ( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ ... ) [النور:61] إلى أن قال: ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [النور:61] فإذا علمت أن صديقك يرضى إذا أكلتَ من بيته ، و لو كان غير موجود ، أو بدون إذن ، فلا يحتاج الأمر إلى إذن ، لا يشترط إذن الصديق إذا أذن لك في بيته أن تأكل منه ، فلو أعطاك مفتاح البيت و أذن لك بدخوله ، و أنت تعلم أنه يرضى أن تأكل من طعامه ، فلا حرج عليك أن تفتح الثلاجة و تأكل من طعامه مما هو موجود في البيت دون إفساد ، و هذا الحسن رحمه الله لما رأى إخوانه يأكلون من فاكهته و هو نائم سره ذلك ، و قرأ الآية ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [النور:61] .
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 1:45 pm
و عن جرثومة قال : رأيت الحسن يُصفِّر لحيته في كل جمعة . و قال أبو هلال رأيت الحسن يغير بالصفرة . فمن السنة تغيير الشيب بالحناء.. بالكتم ، و الصفرة شيء إلى الحمرة ، أو اللون البني لا بأس بذلك ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (غيِّر الشيب و جنبوه السواد ) و ( نهى عن الخضاب بالسواد ) و ( ليأتين أقوام في آخر الزمان يخضبون بالسواد لهم حواصل كحواصل الحمام لا يدخلون الجنة و لا يريحون ريحها ) و حوصلة الحمامة: مثلما يكون من هذا الشكل الهلالي ، الذي يجعلونه في اللحى من العبث بها ، بحيث يكون هيئتها كحوصلة الحمامة ، و يصبغونها بالسواد ، فيكون سوءاً على سوء . فهذا الحسن رحمه الله كان يغير الشيب ، و نحن نُهينا عن نتف الشيب ؛ لأن كل شعرة بيضاء تكون لصاحبها نوراً يوم القيامة إذا شاب في طاعة الله ، فإذا ظهر له الشيب فإنه يفرح؛ لأنه يكون له نوراً يوم القيامة إذا شاب في طاعة الله ، و هذا من مراعاة النفس ؛ لأن النفس تكره الشيب ، فلما نهينا عن نتفه رُخِّص لنا بصبغه و تغييره بغير الأسود .
أما بالنسبة لعبادته رحمه الله ، و خشيته لله ، و تقشفه ، فإنه مع كونه جيد الملبس و المطعم ، لكنه كان زاهداً ، كان يصوم أيام البيض ، و الإثنين و الخميس ، و أشهر الحرم . و حكى ابن شوذب عن مطر قال : "دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء - لا فراش ، و لا بساط ، و لا وسادة ، و لا حصير - إلا سريراً مرمولاً هو عليه ، حَشْوُهُ الرمل " و السرير المرمول : الذي نسج وجهه بالسعف ، و لم يكن على السرير وطاء سوى الحصير ، فيسمى مرمولاً . و قال حمزة الأعمى : ذهبت بي أمي إلى الحسن ، فقالت: يا أبا سعيد ! ابني هذا قد أحببت أن يلزمك ، فلعل الله أن ينفعه بك ، قال : فكنتُ أختلف إليه ، فقال لي يوماً : b]يا بني! أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه ، و ابكِ في ساعات الليل و النهار في الخلوة لعل مولاك أن يطَّلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين ] - هذه الوصية بالبكاء من خشية الله ، و دمع العين من هيبة الله تعالى و خوفه - و كنت أدخل على الحسن منزله و هو يبكي - لم يكن يأمر الناس بالشيء و هو لا يفعل ، بل كان يقول و يفعل ، و يفعل قبل أن يقول - و ربما جئت إليه و هو يصلي ، فأسمع بكاءه و نحيبه ، فقلت له يوماً : إنك كثير البكاء - دائماً تبكي - فقال : ] يا بني! ماذا يصنع المؤمن إذا لم يبكِ ، يا بني! إن البكاء داع إلى الرحمة ، فإن استطعت أن تكون عمرك باكياً فافعل ، لعله تعالى أن يرحمك ، فإذا أنت نجوت من النار ] إذا رحمك ستجد نفسك قد نجوت من النار . قال إبراهيم اليشكري : "ما رأيت أحداً أطول حزناً من الحسن ، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة " . كأنه الآن قبل قليل جرت عليه مصيبة . و قال أحد مَن رآه : " لو رأيتَ الحسن ، لقلتَ : قد بُث عليه حزن الخلائق " . أي : جُمِعَتْ عليه . و قال يزيد بن حوشب : "ما رأيت أحزن من الحسن و عمر بن عبد العزيز ، كأن النار لم تخلق إلا لهما ، و كانا قليل الضحك و المزاح . لأنه إذا كان كثير البكاء من خشية الله فإن ذلك و لا شك سيؤثر في مزاحه و ضحكه ، فمن كان كثير البكاء كان قليل الضحك ، و من كان كثير الخشية و الهيبة كان قليل المزاح .
و من حسن خلقه : أنه كان سمحاً في بيعه و شرائه ، فكان إذا اشترى شيئاً و كان في ثمنه كسر جبره لصاحبه ، مثل الآن لو واحد استرى بريال إلا ربع فيترك الربع للبائع، أو بريال و نصف فيترك النصف للبائع ، و ما ذاك إلا من طيب خلقه ، لا يدقق و يفتش و يأخذ الكسور ، و إذا اشترى السلعة بدرهم ينقص دانقاً -لأن الدرهم يقسم إلى دوانق ، و الدانق بعض الدرهم - كمَّله درهماً ، يقول : خذ الدرهم كاملا ً، أو بتسعة و نصف كمله عشرةً مروءةً و كرماً . والآن بعض الناس يقولون : هناك صناديق للهيئات الخيرية في البقالات ، الهيئة الخيرية أولى من صاحب البقالة ، و هذا جيد و طيب ، يأخذ هذه القروش و يضعها في هذا الصندوق من صناديق التبرعات ، و هذا جيد أنه يجود بهذه الكسور لله تعالى . رأيت مرة منظراً غريباً في أحد البقالات الكبيرة : أجنبي كافر أعطى البائع الريالات و أخذ الفكة و وضعها في الصندوق الخيري ، مع أنه كافر ! لكن صحيحٌ هو لا ينتفع بها عند الله يوم القيامة ؛ لأن الله تعالى لا يجزي الكافر بحسناته يوم القيامة ( وَ قَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً ) [الفرقان:23] لكن يعطونها في الدنيا ، إنما يؤثر فيك أن ترى كافراً يتبرع لصندوق الإغاثة ، أو لصندوق الفقراء.. و هو كافر !! و باع الحسن -رحمه الله- بغلة ، فقال المشتري : أما تحط لي شيئاً يا أبا سعيد ؟ - اتفقوا على الثمن و رضوا ، فقال المشتري : أما تحط لي شيئاً يا أبا سعيد ؟ - قال b]لك خمسون درهماً ، أزيدك؟ ] - أي: هل تحتاج إلى زيادة ؟ - قال : لا . رضيت ، قال b]بارك الله لك] . و هذا عين ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في الحديث و دعا ( رحم الله عبداً سمحاً إذا باع ، سمحاً إذا اشترى ، سمحاً إذا قضى ، سمحاً إذا اقتضى ) .
عدل سابقا من قبل معَ نفسِڪْ ™ في الخميس أبريل 14, 2011 1:47 pm عدل 1 مرات (السبب : ياليل لازم تعرفوون ام اللقااافة الي كــذـآأأ)
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 1:48 pm
أما ما كان عليه من الجرأة و الصدع بالحق ، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :-
فقد جاء عن علقمة بن مرثد أنه قال : لما وَلِي عمر بن هبيرة العراق ، أرسل إلى الحسن و إلى الشعبي ، فأمر لهما ببيت ، و كانا فيه شهراً ، ثم إن الخصيَّ - و كان عند الأمراء هذا النوع من الناس - غدا عليهما ذات يوم ، فقال لهما : إن الأمير داخل عليكما ، فجاء عمر بن هبيرة - الأمير - يتوكأ على عصاً له ، فسلم ثم جلس معظماً لهما ، فقال : إن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك يُنْفِذُ كُتُباً ، أعرف أن في إنفاذها الهلكة - يعني: يعطيني أوامر في الكتب لو أنفذتها ففي إنفاذها الهلكة - فإن أطعته عصيت الله ، و إن عصيته أطعت الله ، فهل تريان لي في متابعتي له فرجاً ؟ أي: هل أنا مكره ؟ فقال الحسن b]يا أبا عمرو ! - و هو الشعبي ، أجب الأمير ] . فتكلم الشعبي ، فانحط في حِيَل ابن هبيرة ، - يعني: كأنه يلتمس له أعذاراً و أشياء -
فقال : ما تقول أنت يا أبا سعيد ؟! قال b]أيها الأمير ! قد قال الشعبي ما قد سمعتَ ] . قال: ما تقول أنت يا أبا سعيد ؟ فقال ] يا عمر بن هبيرة ! يوشك أن يتنزل بك ملك من ملائكة الله تعالى ، فظ غليظ ، لا يعصي الله ما أمره ، فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك . يا عمر بن هبيرة ! إن تتقِ الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك ، و لا يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله عز وجل . يا عمر بن هبيرة ! لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك نظرة مقت ، فيغلق بها باب المغفرة دونك . يا عمر بن هبيرة ! لقد أدركتُ أناساً من صدر هذه الأمة كانوا و الله على الدنيا و هي مقبلة أشد إدباراً من إقبالكم عليها و هي مدبرة . يا عمر بن هبيرة ! إني أُخوِّفك مقاماً خوَّفَكَهُ الله تعالى ، فقال( ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ) [ إبراهيم : 14 ] . يا عمر بن هبيرة ! إن تكُ مع الله تعالى في طاعته كفاك بائقة يزيد بن عبد الملك ، و إن تكُ مع يزيد بن عبد الملك على معاصي الله وكََلَكَ الله إليه ] . قال: فبكى عمر بن هبيرة ، و قام بعبرته . أي: أن البكاء متواصل - متأثر - و قام من المجلس و لا تزال عبرته فيه . هذا ما كان من موعظة الحسن لهذا الأمير ، و هذا كلام نادر حتى في لفظه ، و في طريقته و أسلوبه. و لذلك من المهم أن نتعلم الأسلوب ، و مثل هؤلاء العظماء ينبغي أن نتشبه بهم في أساليبهم . و قد رُوِيَت هذه القصة بسياق آخر: أن عمر بن هبيرة الفزاري والي العراق لما دخل في أيام يزيد بن عبد الملك ، استدعى الحسن البصري و محمد بن سيرين و الشعبي في سنة 103هـ و قال: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده ، و أخذ عليه الميثاق بطاعته ، و أخذ عهدنا بالسمع و الطاعة ، و قد ولاني ما ترون ، فيكتب إليَّ بالأمر من أمره ، فأقلده ما تقلد من ذلك الأمر ، فما ترون؟! - إذا أمرني بشيء فيه معصية مثلاً ؟ - فقال ابن سيرين و الشعبي قولاً فيه تَقِيَّة . فقال ابن هبيرة : ما تقول يا حسن ؟ فقال b] يـابن هبيرة ! خَفِ الله في يزيد ، و لا تخَفْ يزيد في الله . إن الله يمنعك من يزيد ، و إن يزيد لا يمنعك من الله . و أُوْشِكَ أن يُبعث إليك ملَك فيزيلك عن سريرك ، و يخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ، ثم لا ينجيك إلا عملك . يـابن هبيرة ! إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصراً لدين الله و عباده ، فلا تركبن دين الله و عباده بسلطان الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ] . فأجازهم ابن هبيرة ، و أضعف جائزة الحسن . فقال الشعبي لـابن سيرين : سَفْسَفْنا له ، فسَفْسَفَ لنا . و الموقف من الحجاج لا شك أنه موقف صعب جداً ؛ لأن الحجاج كان يقتل على أتفه و أدنى سبب ، و اخترع أساليب في التعذيب ، و بدأ بأشياء من الظلم فتح بها أبواباً شنيعة ، و كانوا أحياناً يفعلون بالناس أفعالاً لا تخطر بالبال ، مثل: السلخ ، يأتون بإنسان يسلخونه ، يسلخون جلده عن سائر جسده سلخاً ، و ربما ولَّوا ذلك لبعض الكفرة، كما أن بعض أهل السنة أتى به أحد هؤلاء الظلمة ، فوَلَّى سلخه ليهودي ، قال لليهودي: اسلخه ، فبدأ بسلخه من الرأس ، حتى أن اليهودي رحمه ، فضربه بالسكين في قلبه فمات ، رحمه من إكمال السلخ . فكان يحصل ظلم عظيم ، و خصوصاً ممن يبطش من أمثال الحجاج ! بعث الحجاج بن يوسف الظالم إلى الحسن و قد هَمَّ به - نوى له نية سوء - فلما دخل عليه ، و قام بين يديه الحسن ، قال b]يا حجاج ! كم بينك و بين آدم من أب ] ؟ قال: كثير . قال b]فأين هم ] ؟ قال: ماتوا . فنكس الحجاج رأسه وخرج الحسن . موعظة بكلمات يسيرة جداً ، مثل هؤلاء ربما لا يمكن الكلام معهم ، فسؤالان لخص بهما المسألة كلها ، انتهت المهمة ، و هي بهذه البساطة ، و الرجل إذا كان صاحب عبادة و دين ؛ فإن الله سبحانه وتعالى يلقي في قلوب الأعداء رهبته فلا يجرءون عليه .
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 1:49 pm
و له رحمه الله تعالى مواعظ بالغة : منها ما وعظ بها عمر بن عبد العزيز ، من باب النصح لذلك الإمام الخليفة العظيم ، و وعظه بمواعظ ، فمنها - من الأشياء التي نُقِلَت - : b]اعلم أن التفكير يدعو إلى الخير و العمل به ، و الندم على الشر يدعو إلى تركه ، و ليس ما يفنى و إن كان كثيراً يعدل ما يبقى و إن كان طلبه عزيزاً ، فاحذر هذه الدار الصارعة الخادعة الخاتلة ، التي قد تزينت بخدعها ، و غرت بغرورها ، و قتلت أهلها بأملها ، و تشوفت لخُطَّابها ، فأصبحت كالعروس المجلوة ، العيون إليها ناظرة ، و النفوس لها عاشقة ، و القلوب إليها والهة ، و هي لأزواجها كلهم قاتلة ، فلا الباقي بالماضي معتبر ، و لا الآخر بما رأى من الأول مزدجر ، و لا اللبيب بكثرة التجارب منتفع ، و لا العارف بالله و المصدق حين أخبر عنها مُدَّكر ، فأبت القلوب لها إلا حباً ، و أبت النفوس بها إلا ظناً ، و ما هذا منا لها إلا عشقاً ، و من عشق شيئاً لم يعقل غيره ، و مات في طلبه أو يظفر به... ] . ثم قال له b]فاحذرها الحذر كله ، فإنها مثل الحية ؛ لين مسها ، و سمها يقتل ، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها..] . و أتى له بكلام في ذم الدنيا و وجوب الحذر منها ، و عدم الانغماس في نعيمها ، و أنها قد عرضت على من هو خيرٌ منا النبي عليه الصلاة و السلام فرفضها ، و رفض أن يكون ملِكاً ، و اكتفى بأن يكون عبداً رسولاً . و أمره أن يقتدي بالأنبياء و من مضى من الصالحين . و كان تذكيره لـعمر بن عبد العزيز بالدنيا ؛ لأن عمر بن عبد العزيز تحته الخزائن و بيت المال ، و الأموال تجري بين يديه ، و لذلك ركز على قضية الدنيا ، و مكانتها، و حقيقتها ، لأنه يحتاج أشد ما يحتاج إلى مثل هذا الكلام . و هكذا الإنسان الداعية الحكيم ينصح كل إنسان بحسب حاله . فأنت إذا وعظت تاجراً يحتاج أن تكلمه في فتنة المال . و إذا وعظت طالب علم يحتاج أن تكلمه - مثلاً - في مزالق طلب العلم ، و مسألة المراءاة و خطورتها ، و العمل بالعلم ، و الحذر من أن يعلِّم الناسَ شيئاًَ و لا يعمل به . و إذا أردت أن تعظ بائعاً في السوق تحتاج أن تكلمه عن فتنة النساء . و إذا وعظت شاباً يحتاج أن تكلمه عن الشهوات و اتقائها . و إذا وعظت رجلاً كبيراً حذرتَه من طول الأمل ، و وجوب حسن العمل ، و أن الإنسان إذا بلغ الستين أعذر الله إليه ، و ينبغي أن يتفرغ للعبادة . فيؤخذ من كلام الحسن رحمه الله : أن الإنسان يعظ الشخص بحسب حاله ؛ فإذا كان صاحب سلطان ذكره بقدرة الله و قوته ، و بطشه، و انتقامه.. و هكذا ، فتكون النصيحة بحسب المنصوح له وبحسب حاله.
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 1:50 pm
كان الإمام الحسن البصري - رحمه الله - إماماً في عددٍ من فنون العلم ، و كان إماماً في العلم حقاً . و من الفنون التي برز فيها رحمه الله : فن التفسير ، و لذلك نقل عنه المفسرون في تفاسيرهم كثيراً من الأقوال في آيات عديدة من كتاب الله تعالى . 1/ فمما ذكره - رحمه الله - في قوله عز وجل ( وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ) [ البقرة : 124 ] ، كان الحسن يقول ] إي و الله ! ابتلاه بأمر فصبر عليه ؛ ابتلاه بالكوكب ، و الشمس ، و القمر ، فأحسن في ذلك ، و عرف أن ربه دائمٌ لا يزول ، فوجَّه وجهه للذي فطر السماوات و الأرض حنيفاً و ما كان من المشركين ، ثم ابتلاه بالهجرة فخرج من بلاده و قومه حتى لحق بـالشام مهاجراً إلى الله ، ثم ابتلاه بالنار قبل الهجرة ، فصبر على ذلك ، فابتلاه الله بذبح ابنه و بالختان فصبر على ذلك ] . و ذكر المفسرون - رحمهم الله - أيضاً : أن مما ابتلاه الله سبحانه و تعالى به : سنن الفطرة ؛ خمس في الرأس ، و خمس في الجسد ( فأتمهن ) . 2- و مما ذكره رحمه الله في قوله تعالى ( وَ لَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ) [ آل عمران : 152 ] في سورة آل عمران ، في قصة غزوة أحد ، قال و قد ضرب بيديه 8b]و كيف عفا عنهم و قد قُتِل منهم سبعون ، و قُتِل عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و كُسِرت رباعيته ، و شُجَّ وجهه ؟ ] . ثم يقول b]قال الله عز وجل : قد عفوتُ عنكم إذ عصيتموني ، ألا أكون استأصلتكم ] - فبيَّن أن عفو الله تعالى عنهم ، أنه لم يستأصلهم ، مع عظم المصائب التي نزلت بهم - ثم يقول b]هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و في سبيل الله ، غضابٌ لله ، يقاتلون أعداء الله ، نُهُوا عن شيء فصنعوه ، فو الله ما تركوا حتى غموا بهذا الغم ] - و هو قتل سبعين منهم ، و ما حصل للنبي عليه الصلاة و السلام من الجراحات و ما أشيع من قتله - . قال الحسن رحمه الله b]فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كل كبيرة ، و يركب كل داهية ، و يسحب عليها ثيابه ، و يزعم ألا بأس عليه ، فسوف يعلم !! ] و معنى قوله : إن هؤلاء الصحابة أكرم خلق الله، و صحبوا نبي الل ه، خرجوا للجهاد في سبيل الله ، قاتلوا أعداء الله ؛ لأن بعضهم ارتكب عصياناً ، لما ترك الرماة الجبل و نزلوا ؛ ابتلاهم الله بهذا الشيء ، و هذا الغم العظيم في قتل سبعين منهم ، و اليوم أفسق الفاسقين يتجرأ على كل كبيرة ، و يظن أنه لا بأس عليه ، فكأنه يقول : خافوا الله ! هؤلاء الصحابة على عِظَمِهِم هكذا ابتلاهم الله أو غمهم بهذا الغم ، فكيف بالفسقة ! و كذلك مما نُقِل عنه - رحمه الله تعالى - في التفسير ، في ذكر آيات من كتاب الله عز وجل أشياء كثيرة جداً أوردها المفسرون ، حتى أنه لا تخلو سورة من سور القرآن في التفسير إلا و تجد للحسن رحمه الله تعالى فيها قولاً أو أقوالاً ، و هذا يدل على ضلوعه رحمه الله في التفسير ، و كان ينتهز الفرصة ليذكر من خلال تفسيره بعض الآيات بعض العظات التي يرسلها . .:. الحسن البصري في الحديث .:. أما بالنسبة للحديث ، فإن الحسن البصري رحمه الله و لاشك كان قد نشأ في الفترة التي كان النقل فيها من غير كتابة و تدوين ، و هي مرحلة الحفظ في الصدور ، لأنه توفي في سنة 110هـ ، و هذا الوقت الذي بدأ فيه التدوين ، و لذلك ليس للحسن كتاب صنفه في الحديث ، لأن عصر التدوين لم يكن قد بدأ بعد .
و لكن الحسن رحمه الله تعالى له مرويات كثيرة جداً ، و بعضُ الأسانيدِ التي فيها ذِكْرُ الحسنِ متصلٌ ، و بعضُها مرسلٌ ، و الحديث المرسل كما نعلم: ما أضافه التابعي إلى النبي عليه الصلاة و السلام دون ذكر الصحابي ، و لاشك أن المرسل عند العلماء من أقسام الحديث الضعيف ، ما عدا استثناءات يسيرة ذُكِرت في كتبهم . فلو قال الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإننا نعلم أن هذا حديث مرسل ، و أنه حديث ضعيف ، لكنه لو ذكره بالإسناد المتصل بذكر الصحابي الذي حدثه ، أو التابعي عن الصحابي الذي حدثه فيكون الحديث عندئذٍ متصلاً صحيحاً ، ما دام أن الحسن رحمه الله قد صرح بالتحديث . و قد سمع الحسن رحمه الله من بعض الصحابة ، مثل: أنس و سمرة رضي الله عنهما ، و هناك قاعدة في المراسيل ، يقول الإمام أحمد رحمه الله : "مرسلات إبراهيم النخعي لا بأس بها ، و ليس في المرسلات شيء أَضعف من مرسلات الحسن و عطاء بن أبي رباح ، فإنهما يأخذان عن كل أحد " . و المقصود أنه إذا قال : قال رسول الله ، فلا نستطيع بطبيعة الحال أن نحكم بصحته ، بل إنه نوع من الحديث الضعيف ، حيث أنه منقطع فيما بينه و بين النبي صلى الله عليه و سلم . و كذلك الحسن روى عن أبي هريرة و لم يسمع منه ، و كان قد جاء هذا إلى الحجاز و هذا خرج إلى العراق فلم يتقابلا ، و التمس العلماء للحسن في قوله : أخبرنا أبو هريرة ، التمسوا له أنه يقصد أن أبا هريرة حدث أهلَ البصرة و هو منهم ، و لكن لم يكن معهم عندما حدثهم أبو هريرة . و بعض المصطلحات : ( حدَّثنا ) و ( أخبرنا ) و ( عن ) و نحو ذلك لم تستقر من جهة معنىً مخصوص أو استعمال مخصوص إلا بعد الحسن رحمه الله تعالى .
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 1:50 pm
.:. الحسن البصري فقيهاً .:. كان الحسن البصري فقيهٌ ، - و لا شك - له باع عظيم في الفقه ، و نُقِلَت عنه آراؤه ، فكلُّ مَن صنف في الفقه لا بد أن يذكر من أقوال الحسن شيئاً ، و لم يصل إلينا فقهه مجموعاً كما نقل مذهب أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد ، و لكنه نُقِل منثوراً في بطون كتب الحديث و الفقه ، لكن الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء ذكر عن الحميدي أن القاضي محمد بن مفرج ألف كتاب فقه الحسن البصري في سبعة مجلدات ، جمع فقهه فيها رحمه الله تعالى . و لا بأس من ذكر بعض المسائل التي تعرِّف ببعض آراء الحسن رحمه الله : فمثلاً :
و أن الجمعة لا تمنع من السفر كما قال عمر رضي الله عنه . و ذهب إلى كراهة دفن الميت ليلاً ، و احتج بالحديث الصحيح الوارد في هذا ، و هذا الحديث قد ذكره الإمام مسلم رحمه الله : [ أن النبي صلى الله عليه و سلم زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه ، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك ] -- برقم 943 -- .
و هناك مسألة : إذا قال خذ المال مضاربةً و لم يسمِّ للعامل شيئاً من الربح فما نصيب العامل ؟ واحد أعطى شخصاً مالاً ، قال : اتَّجِر به ، هذه شركة مضاربة : المال من شخص و الجهد و العمل من شخص آخر ، و لم يحدد له نسبة ، فذهب رحمه الله إلى أن الربح بينهما مناصفة إذا لم يحدد نسبة و حصلت التجارة و حصلت أرباح فالربح بينهما مناصفة .
هذا الشرط عند بعض أهل العلم في جواز تأجير الشيء المستأجر .
و المسألة فيها كلام طويل ، و هذا رأيه رحمه الله .
و أن الاستتابة مستحبة و ليست بواجبة .
قال ابن عبد البر : لا أعلم بين علماء المسلمين خلافاً أن القرد لا يؤكل و لا يجوز بيعه . و هو مسخ ، فيكون من الخبائث المحرمة ، و بعض العلماء ذهبوا إلى جواز بيع القرد ، قالوا : لأنه يُنْتَفَع منه فيُمْسِك الشمعة و يحفظ الأمتعة ، و لأنه يقبل التعليم ، أي أنه يمكن تدريبه على حراسة و حفظ الأمتعة .
و ذهب بعض أهل العلم كـالشافعي رحمه الله إلى أنه تجري الكفارة حتى في اليمين الغموس إذا حلف كاذباً .
إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة عليه فلا يُطِعْها ] ، فإذا منعته أمه من الذهاب إلى المسجد لصلاة العشاء في جماعة شفقة عليه لم يُطِعْها . إن صام عنه ثلاثون رجلاً يوماً واحداً جاز ] ، كل واحد من الثلاثين رجلاً يصوم يوماً واحداً عن شخص عليه قضاء من رمضان و مات و لم يقضه ، أنه يجوز ذلك . من تكفَّل عن ميتٍ دَيناً فليس له أن يرجع ] ، فإذا مات شخص و عليه دين ، فقال رجل من الناس الأحياء : أنا عليَّ دينه، أو أنا أتكفل بدينه ؛ فليس له أن يتراجع بعد ذلك و يُلْزَم بوفاء الدَّين. 1/ ذهب رحمه الله إلى أنه لا يجب الترتيب في أعضاء الوضوء ، مع أن المذهب الراجح في هذا وجوب الترتيب . 2/ يرى رحمه الله أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء بحال ، و هذا هو الراجح إن شاء الله ، ما لم يخرج منه شيء ، فمجرد لمس المرأة لا ينقض الوضوء . 3/ كان يرى وجوب نقض المرأة شعرها عند الغسل من الحيض ، و هو قول الحنابلة . 4/ كان - رحمه الله - يرى أن المتيمم يصلي ما شاء من الفرائض و النوافل ، و يمس المصحف ، و يقرأ القرآن ، ما دام أنه لم ينقض هذه الطهارة التي عملها بالتيمم ، فما دام أنه لم يحدث فإن تيممه باقٍ صحيح يصلي فيه ما شاء من الفرائض و النوافل ، و يمس المصحف ، و يطوف بالبيت حتى يُحْدِث ، و لا يلزمه التيمم لكل صلاة كما قال به بعض أهل العلم . 5/ ذهب إلى أنه يجوز التيمم للصلاة على الجنازة لمن خاف فواتها ، فإذا خاف فوات الجنازة و رفعها و ذهابها و هو على غير طهارة بالماء جاز له أن يتيمم حتى مع وجود الماء . 6/ ذهب إلى أنه يُرَش من بول الغلام و يُغْسل من بول الجارية ، و هذا مقتضى الحديث الذي صح عن النبي صلى الله عليه و سلم . 7/ كان يرى أن للرجل السفر قبل دخول وقت الجمعة ، فما دام وقت الجمعة لم يدخل بعد فيجوز لك أن تسافر من البلد حتى لو كان اليوم يوم جمعة ، 9/ جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر ، و الراجح في هذه المسألة : وجوب إخراج زكاة الفطر من الطعام ، و عدم جواز إخراجها بالقيمة . 10/ ذهب إلى أن المرضع إذا أفطرت في رمضان خوفاً على ولدها ، و الحامل إذا أفطرت خوفاً على جنينها فليس عليهما كفارة بل عليهما القضاء فقط ، و هذا مذهب جماعة من أهل العلم ؛ من أن المرضع و الحامل ليس عليهما إلا القضاء ، أما الكفارة فليس عليهما كفارة ما دامتا قد أفطرتا لهذا العذر فهما أشبه بالمريض . 11) عدم جواز بيع العُربون ، و الراجح : جواز بيع العُربون ، و هو : أن يدفع إلى البائع جزءاً من الثمن إذا اشترى ، و يُحْتَسَب من الثمن ، و إذا ألغى البيع و غيَّر ما عَقَدَه فإن العربون يذهب عليه ، و الحديث الوارد في النهي عن بيع العُربون حديث ضعيف ، فلذلك المسألة باقية على الأصل في جواز هذا البيع . 12/ و ذهب الحسن رحمه الله إلى جواز مشاركة المسلم لليهودي و النصراني، و المعنى جواز أن يدخل معهم في شركة أو في تجارة بشرط : ألا يخلو اليهودي أو النصراني بالمال دونه - أي: دون المسلم - و يكون المسلم هو الذي يلي المال ؛ خشية العمل بالربا ، لأنه لو تركت إدارة الشركة أو التجارة لليهودي أو النصراني يمكن أن يعمل بالحرام و أن يأخذ الربا ، أما إذا كانت الإدارة للمسلم أو له الإشراف عليها فإنه لا بأس أن يشارك الكافر في التجارة . 13/ ذهب رحمه الله إلى جواز تأجير المستأجر للعين بأكثر مما استأجر به ، فإذا استأجر شيئاً جاز أن يؤجره ، و ذكر أهل العلم أنه يجوز أن يؤجره ما دامت مدة الإجارة سارية المفعول ، و ما دام أنه قد ملك المنفعة فيجوز أن يعطيها لغيره و يؤجرها أيضاً ، لكن بشرط ألا يكون استعمال الثاني أكثر من الأول ، فلو كان - مثلاً - عنده خمسة أولاد ، فلا يجوز أن يؤجر البيت الذي استأجره على إنسان له عشرة ، أو استأجره سكنى فلا يجوز له أن يؤجره على عمال أو على ورشة بحيث يستعملون الشيء المستأجَر أكثر مما كان سيستعمله لو كان سكن فيه . 14/ كان يرى بأن الخُلْع يُعَدُّ طلقة ، و ذهب عدد من أهل العلم إلى أنه يعتبر فسخاً و لا يعتبر طلاقاً . 15/ ذهب رحمه الله إلى وقوع طلاق السكران ، و أن السكران يتحمل الطلاق ، و هذا رأي جمهور أهل العلم ، و ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية و كذا ابن القيم و غيرهما إلى أن طلاق السكران لا يقع ، و يوجد طرف بريء في الموضوع ألا وهي الزوجة ، و هو لا يدري عن تصرفاته ، 16/ ثم رأى أيضاً في مسألة صيام شهرين متتابعين أنه إذا كان على الإنسان كفارة الظهار - مثلاًَ - فإن السفر المبيح للفطر لا يقطع التتابع ، فلو شرع في صيام شهرين ثم سافر سفراً طبيعياً لم يقصد منه تحايلاً - سافر سفراً مشروعاً - فإنه يفطر في هذا السفر ، و إفطاره لا يقطع التتابع . 17/ أفتى رحمه الله بأن الزوج إذا أعسر بالنفقة كان للزوجة الخيار في أن تصبر عليه أو تطلب من الحاكم التفريق بينها و بين زوجها . 18/ ذهب إلى أنه لا فرق بين الرجال و النساء في وجوب القتل بالردة ، فإذا ارتدت المرأة تقتل مثلما يقتل الرجل . 19/ و في باب الأطعمة : ذهب رحمه الله إلى تحريم أكل لحم القرد و تحريم بيعه ، 20/ و في العقيقة : ذهب الحسن رحمه الله إلى وجوبها ، و هو الذي روى حديث العقيقة عن سمرة رضي الله عنه ، و ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب العقيقة و عدم وجوبها . 21/ ذهب الحسن رحمه الله إلى عدم وجوب الكفارة في اليمين الغموس إذا حلف يميناً كاذبةً غموساً ، و سميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار ، فإنه ليس عليه كفارة لأنها أعظم من أن تكفر ، و ليس لها إلا التوبة ، 22/ رأى جواز إخراج الكفارة قبل الحلف باليمين ، يعني : إذا أراد أن يحنث في يمينه ، حلف على شيء و أراد أن يخالفه فإنه يجوز له أن يكفر قبل أن يحنث ، و فعله صحيح . 23/ كان يرى أن المريض الذي عنده الماء و لا يجد من يناوله الماء أنه يتيمم . 24/ و من فتاويه أيضاً في صلاة الجماعة : قوله [ 25/ و قال الحسن فيمن مات و عليه صوم [ 26/ و أيضاً من فتاويه ، قال [
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 1:52 pm
[color=#2e8b57] الحسن البصري رحمه الله له أخبار و مناقشات و لقاءات حصلت مع بعض الناس ، و مواعظ وجهها إلى بعض الأشخاص ، منهم الخلفاء ، كما فعل مع عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، و كان بعض الناس يأتيه ليعظه مما اشتُهر عنه من الوعظ ، فكان الواحد إذا أحس غفلة أو قسوة أو أراد أن يزيد إيمانه جاء إلى الحسن .
يقول عمرو بن ميمون بن مهران : خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة ، فمررت بجدول فلم يستطع الشيخ أن يتخطاه ، فاضطجعت له فمر على ظهري ، ثم قمت فأخذت بيده ، ثم اندفعنا إلى منزل الحسن فطرقت الباب ، فخرجت إلينا جارية ، فقالت: من هذا ؟ قلت: هذا ميمون بن مهران أراد لقاء الحسن ، فسمع الحسن فخرج إليه فاعتنقه ثم دخلا ، فقال ميمون : يا أبا سعيد ! قد أنست من قلبي غلظة فاستَلِّنَّ لي منه - أي: ليِّن لي قلبي - فقرأ الحسن ( بسم الله الرحمن الرحيم ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) [الشعراء:105-207]. قال: فسقط الشيخ فرأيته يفحص برجله كما تفحص الشاة المذبوحة ، فأقام طويلاً ثم أفاق ، فجاءت الجارية ، فقالت : قد أتعبتم الشيخ ، قوموا تفرقوا . فأخذت بيد أبي فخرجت به ، ثم قلت: يا أبتاه! هذا الحسن ! قد كنت أحسب أنه أكبر من هذا! قال: فوكزني في صدري وكزة ، ثم قال: يا بني! لقد قرأ علينا آية لو فهمتَها بقلبك لبقي لها فيك كُلُوم - و الكلم هو: الجرح ، لبقي فيه جروح من تأثير هذه الآية - . و كان يعرف الظَّلَمَة من غيرهم و بالذات الحجاج ، و تقدم موعظته للحجاج و موقفه منه . و من القصص التي حدثت في هذا: أن رجلاً أتى الحسن فقال: يا أبا سعيد ! إن حلفت بالطلاق أن الحجاج في النار ، فما تقول ؟ أقيم مع امرأتي أم أعزلها ؟ ... حلف بالطلاق أن الحجاج في النار ، فإذا كان الحجاج في النار يبقى مع زوجته ، و إذا لم يكن في النار فيجب أن يفارقها ، و لكن مصير الناس لا يعلم بعد الموت ، و أهل التوحيد يدخلون تحت المشيئة ، و إذا كان كافراً فهو في النار بلا شك. فقال له الحسن b]قد كان الحجاج فاجراً فاسقاً ، و ما أدري ما أقول لك، إن رحمة الله وسعت كل شيء ] و إن الرجل أتى محمد بن سيرين فأخبره بما حلف ، فرد عليه شبيهاً بما قاله الحسن . و إنه أتى عمرو بن عبيد ، فقال له : أقم مع زوجتك ، فإن الله تعالى إن غفر للحجاج لم يضرك الزنا . و بطبيعة الحال فإن عقد الزواج إذا كان صحيحاً فهو باق ، فلو أن أحداً طلق طلاقاً مشكوكاً في وقوعه ، قال عبارة فيها شك ، و النكاح صحيح ، فما هو الحكم؟ الحكم أن النكاح يبقى على أصله حتى نتأكد من وقوع الطلاق . و كان الحسن يشجع الناس على تعلم اللغة العربية ، فعن أبي حمزة ، قال: قيل للحسن في قوم يتعلمون العربية ، قال: b]أحْسَنوا، يتعلمون لغة نبيهم صلى الله عليه و سلم ] . و قال الحسن لـفرقد بن يعقوب : b]بلغني أنك لا تأكل الفالوذج ] - و الفالوذج نوع من الحلوى نفيس ، كان يوجد في ذلك الزمان - فقال: يا أبا سعيد ! أخاف ألَّا أؤدي شكره - يعني: ناقش هذا الرجل ، ذلك الرجل كان لا يأكل هذا النوع من الطعام النفيس ، فـالحسن سأله : سمعت أنك لا تأكل الفالوذج ! لماذا ؟ قال: يا أبا سعيد ! أخاف ألا أؤدي شكره - قال الحسن] يا لُكَع ! هل تقدر أن تؤدي شكر الماء البارد الذي تشربه ؟ ] يعني : إذا كانت المسألة تتوقف على أننا لا نأكل أي شيء خوفاً من ألا نؤدي شكره فلن نأكل شيئاً ؛ قال: حتى الماء البارد لا نؤدي شكره ، فلذلك ليس إلا شكر النعمة ، و الاستغفار . و من المواقف العظيمة التي دوِّنت في سيرته - رحمه الله - في معاملة أعدائه : قيل له : اً اغتابك ، فبعث إليه طبق حلوى ، و قال ] بلغني أنك أهديت إليَّ حسناتك فكافأتك ] . و هذا موقف مؤثر و لا شك ، يحمل الخصم على الرجوع و ترك ما هو عليه .
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 2:01 pm
كان الحسن رحمه الله مقاوماً للبدعة ... و معلوم أن واصل بن عطاء رأس المعتزلة كان من تلاميذ الحسن إلى أن حدثت حادثة جعلت واصل بن عطاء يخرج بفكرة الاعتزال ، و يعتزل مجلس الحسن البصري ، و بدأت تلك البدعة . كان واصل بن عطاء في أول أمره يجلس إلى الحسن البصري ، فلما ظهر الاختلاف و قالت الخوارج بتكفير مرتكبي الكبائر ، و قال أهل السنة والجماعة بإيمانهم ، أي أن معهم أصل الإيمان فهم مسلمون ، و لكن مرتكبها فاسق فاجر ، فلا يُحكم بكفر شخص إذا كان معه أصل الإيمان ، و كان ما فعله كبيرة لا تصل إلى الكفر و الشرك الأكبر ؛ فلمَّا حصل هذا خرج واصل عن الفريقين ، و قال بالمنزلة بين المنزلتين . فـأهل السنة و الجماعة يقولون : حكم مرتكب الكبيرة فاسق ، لكنه باقٍ على إسلامه ، لأن معه أصل الإيمان . و قالت الخوارج : مرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار . فلم يفرقوا بينه و بين الكافر . و المعتزلة خرجوا بعد ذلك ، و قالوا : مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين : لا هو مؤمن و لا كافر ، و هذه بدعة ، ما هو هذا الشيء ؟! لا يوجد شيء لا مسلم و لا كافر ! لا في الجنة و لا في النار! لما قال واصل بن عطاء هذه البدعة طََرَدَه الحسن من مجلسه ، فاعتزل عنه. ثم تبعه عمرو بن عبيد ، و عمرو بن عبيد كان مشهوراً بالزهد ، و كان.. و كان... حتى قال الخليفة : كلكم يطلب الصيد إلا عمرو بن عبيد . لكن عمرو بن عبيد ذهب مع المعتزلة ، فٌفِدَ ، ذهبَ مع المعتزلة ، فصار في هذه البدعة الخبيثة ... و عليه تأسس مذهب المعتزلة من هذه البذور الفاسدة . و سُمُّوا هم وجماعتُهم بـالمعتزلة . و أطلق عليهم أهل السنة هذا اللقب لأنهم اعتزلوا أولاً مجلس الحسن البصري رحمه الله ، و هو إمام من أئمة أهل السنة . و الحسن رحمه الله تعالى لا شك أنه من أهل السنة و الجماعة ، و أقواله في هذا موافقة لأقوال أهل السنة و الجماعة في الأبواب المختلفة ؛ في الأسماء و الصفات ، و أن الإيمان قول و عمل ، و الموقف من الصحابة.. و غير ذلك ؛ لكن لعل الحسن رحمه الله صدرت منه كلمة في وقت من الأوقات حُسِبَت على مذهب القَدَرِية ؛ لكنه بعد ذلك بيَّن الأمر و تراجع عن ذلك ، و لا يمكن أن يقال أبداً : إنه من القَدَرِية ، و يمكن إذا وجد أثناء القراءة في الموضوع كلاماً يعرف الإنسان خلفية الموضوع ؛ فلعل عبارة صدرت من الحسن رحمه الله فُهِمَ منها أن الشر ليس بقَدَر و أن الخير هو الذي بقَدَر فقط . إن أهل السنة و الجماعة يقولون ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) [الرعد:16] و خالق الخير و خالق الشر ، و الخير و الشر كله من خلق الله تعالى و تقديره ، و إذا قلت: الله خالق للخير و ليس خالقاً للشر ، فقد جعلت للشر خالقاً آخر ، فيكون الكلام مؤدياً إلى مصيبة عظمى ، و لو زعم قائله أنه يريد تنزيه الله عن الشر و أنه لم يخلق الشر لينزهه عن الشر أو عن الرضا بالشر فهذا هراء؛ لأنه جعل للشر خالقاً غير الله ، و صارت القضية في تعدد الخالق في مسألة عظيمة ، فالله خالق الخير و خالق الشر ، لكن إذا قلنا: إن الله خلق الشر فإنه راضٍ به سبحانه و تعالى؟ أبداً ، خلقه و خلق الشيطان فتنة ، ابتلاء يبتلي به العباد. فليس في المسألة إشكال ؛ بل هي واضحة . لكن حصل أن نُقِلت عبارة عن الحسن رحمه الله في هذه المسألة ، و حصل نقاش بينه و بين بعض السلف و رجع عن ذلك. و قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : كذب على الحسن سِربان من الناس :- قومٌ من القَدَرِية ؛ لِيُنَفِّقُوه في الناس بـالحسن ... هم مبتدعة لو قالوا للناس: مذهبنا كذا و كذا فلا أحد سيقبل منهم ؛ لأنهم مبتدعة ، فكذبوا على الحسن ؛ لأن الحسن ثقة عند الناس ، فإذا قيل للناس: إن الحسن يقول: كذا، فإن الناس يأخذون بقوله ، فكذبوا على الحسن بأنه قال أشياء ؛ لكي يُنَفِّقُوا بدعتهم بين الناس و يروجوها . و قومٌ في صدورهم شنَآن و بغض للحسن . فالذي افترى عليه طائفتان: طائفة تريد ترويج البدعة ، و طائفة تبغض الحسن و تكرهه ، و أنا نازلته غير مرة في القدر حتى خوَّفته بالسلطان ، فقال b]لا أعود فيه بعد اليوم ] فلا أعلم أحداً يستطيع أن يعيب الحسن إلا به ، و قد أدركتُ الحسن و الله و ما يقول - ما يقول بذلك القول - فهو قال: لا أعود بعد النقاش ، و لا يمكن أن يعاب الحسن بشيء من ذلك ألبتة ، و قد رجع عنه. و ذكر الذهبي رحمه الله كلاماً أيضاً في الموضوع ، قال: الحسن بن يسار مولى الأنصار و سيد التابعين في زمانه بـالبصرة ، كان ثقة في نفسه ، حجة ، رأساً في العلم و العمل ، عظيم القدر ، و قد بدت منه هفوة في القَدَر لم يقصدها لذاتها ، فتكلموا فيه ، فما التُفِت إلى كلامهم ، لأنه لَمَّا حوقق عليها تبرأ منها. و يكفي فخراً أن الإنسان إذا تبين له خطأ كلامه أن يرجع. و قال الذهبي رحمه الله تعالى أيضاً كلاماً في مسألة تدليس الحسن رحمه الله ، و ذكرنا هذا. و كذلك فإن ابن حجر رحمه الله في تهذيب التهذيب أيضاً قد أشار إلى المسألة ، و أمْر الحسن رحمه الله في هذا ، و أن ما نُسب إليه من القدر هو أمر قد تراجع عنه ، و بعض الناس زادوا عليه أشياء ، فيقول في تهذيب التهذيب : كان من أفصح أهل البصرة و أجملهم و أعبدهم و أفقههم. و روى معمر عن قتادة عن الحسن تلك الكلمة المتعلقة ، قال أيوب : فناظرته في هذه الكلمة ، فقال: لا أعود. و قال ابن عون: سمعت الحسن يقول: b]من كذَّب بالقدر فقد كفر ] . و الحسن كغيره من التابعين يؤمن بالقدر خيره و شره، ولئن نُقِل عنه خلاف ذلك فقد برأه العلماء من هذه التهمة سيما و قد نقل عن بعضهم أنه رجع عن ذلك. فالحمد لله صفحته بيضاء ، و لو كان قال شيئاً من هذا أخطأ فيه فقد رجع .
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 2:02 pm
كان رحمه الله يهتم باللغة العربية كما أسلفنا ، و يقاوم اللحن ، و اللحن : هو الخطأ في الكلام... جاء رجل إلى الحسن البصري فقال : يا أبا سعيد ! ما تقول في رجل مات و ترك أبيه و أخيه؟ - و الصحيح أن يقول: و ترك أباه و أخاه - فقال الحسن 0]ترك أباه و أخاه ] -يصحح له اللغة في السؤال - فقال له - هذا السائل و كان فيه غفلة -: فما لأباه و أخاه ؟ - الآن السائل جاء بحرف الجر و أخطأ ثانية و الصحيح أن يقول: فما لأبيه و أخيه ! - فقال له الحسن b]إنما هو فما لأبيه و أخيه ؟ ] قال الرجل: يا أبا سعيد ! ما أشد خلافك عليَّ ! - لا بد أن تخالفني ، مرة أقول لك: أباك و تقول لي: أبيك ، و مرة أقول و أرجع إلى قولك ، فتعيب عليَّ أيضاً - قال ] أنت أشد خلافاً عليَّ ] - أدعوك إلى الصواب و تدعوني إلى الخطأ ! ... كان في ذلك الوقت أناس قد دخلوا من الأعاجم في الإسلام و أولاد الإماء ، فصار هناك لحن في اللغة ؛ لأن هناك أناساً أمهاتهم فارسيات و من الأعاجم فحصل لحن ... و اللحن كثير في الكلام ، تغيرت اللغة في ألسنة كثير من الناس ، فكان الحسن يقاوم ذلك. قال رجل للحسن : يا أبي سعيد ! فقال الحسن 8b]أكَسَبْ الدوانيق شغلك عن أن تقول : يا أبا سعيد ؟! ] يقول : هل البيع و الشراء أشغلك عن تعلم اللغة ، صرت لا تعرف أن تقول للمنادى المنصوب : يا أبا سعيد ؟! و قرع رجل على الحسن البصري الباب ، و قال: يا أبو سعيد ! فلم يجبه ، فقال : يا أبي سعيد ، فقال الحسن b]قل الثالثة و ادخل ] ما دام قال : يا أبو ، و يا أبي ، بقيت واحدة و هي الصحيحة ، فقال الحسن : قل الثالثة و ادخل .
حَكَى عن نفسه رحمه الله بعض الأشياء التاريخية : قال b]كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه و سلّم في خلافة عثمان أتناول سقفها بيدي - يعني: سقوف حُجَر النبي عليه الصلاة و السلام كانت منخفضة ، ما كان عليه الصلاة و السلام يسكن في قصور و سقوف مرتفعة - و أنا غلام محتلم يومئذٍ ] . و حدَّث مرة عن أنس بن مالك بحديث حنين الجذع ، لما النبي عليه الصلاة والسلام كان يخطب إلى جنب جذع يسند ظهره إليه ، فلما كثر الناس بنوا له المنبر و صار يصعد المنبر و يخطب عليه ، و لما خطب على المنبر أول مرة عليه الصلاة و السلام ، قال أنس : ( فسمعت الخشبة تحن حنين الواله - الخشبة التي كان يخطب عليها النبي عليه الصلاة و السلام - لما فقدت الذِّكر فقدت مكان النبي عليه الصلاة والسلام ، عندها حنت حنين الولهان - فما زالت تحن و ترتجف - مثل : الذي يبكي فإنه يرتعد - فما زالت تحن حتى نزل إليها صلى الله عليه و سلم فاحتضنها فسكنت ) و هذا حديث في البخاري معروف ، و هو من معجزات النبي عليه الصلاة و السلام . يقول الحسن معلقا ً، كان إذا حدث بهذا الحديث بكى ، ثم قال: ] يا عباد الله! الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم شوقاً إليه ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه ] .
.:. الحسن مع الفرزدق الشاعر .:.
حصلت للحسن - رحمه الله - مع الفرزدق الشاعر قصة : فإنه قد اجتمع معه في جنازة أبي رجاء العطاردي ، فقال الفرزدق : يا أبا سعيد ! يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس و شرهم - يقصد أن الحسن خير الناس و أنه شر الناس - فقال الحسن ] لستُ بخير الناس و لستَ بشرهم ؛ لكن ما أعددت لهذا اليوم يا أبا فراس؟ ] قال : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً عبده و رسوله " ، ثم انصرف . و قال الأصمعي : لما ماتت النوَّار بنت أعين بن ضبيعة المجاشعي - امرأة الفرزدق - و كانت قد أوصت أن يصلِّي عليها الحسن البصري ، فشهد أعيان أهل البصرة مع الحسن ، و الحسن على بغلته ، و الفرزدق على بعيره ، فسار ، فقال الحسن للفرزدق b]ماذا يقول الناس؟ ] قال: يقولون : شهد هذه الجنازة اليوم خير الناس ؛ يعنونك ، و شر الناس ؛ يعنوني . فقال له b]يا أبا فراس ! لستُ بخير الناس و لستَ أنت بشر الناس ] ثم قال الحسن b]ما أعددتَ لهذا اليوم ؟ ] قال : شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة . فلما أن صلى عليها الحسن مالوا إلى قبرها ، فأنشأ الفرزدق يقول : أخاف وراء القبر إن لم يعافني .:. أشد من القبر التهاباً و أضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائدٌ .:. عنيفٌ و سواقٌ يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد دار مَن مشى .:. إلى النار مغلول القلادة أزرقا
يساق إلى نار الجحيم مسربلاً .:. سرابيل قطران لباساً مخرَّقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتَهم .:. يذوبون من حر الصديد تمزقاً فلما سمع الحسن بكى حتى بلَّ الثرى ، ثم التزمه ، و قال له b]لقد كنت من أبغض الناس إلي و إنك اليوم من أحب الناس إلي ] لما رأى شعره ، ما صار في الهجاء و الكلام المُقذع ، و إنما صار في الترقيق و هذا الكلام الذي فيه وصف النار ، التزمه رحمه الله و عانقه . و من كلامه في الغيبة و المغتاب : قال أصلة بن طريف: قلت للحسن: الرجل الفاجر المعلِن بفجوره هل له غيبة - أي: يحرم أن يُغتاب ؟ - قالb]لا . و لا كرامة ، إذا ظهر فجوره فلا غيبة له ] . و قالb]ثلاثة لا تحرم عليك غيبتهم :- 1- المجاهر بالفسق. 2- والإمام الجائر. 3- و المبتدع ].
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 2:04 pm
قال فرقد : دخلنا على الحسن فقلنا : يا أبا سعيد ! ألا يعجبك من محمد بن الأهتم ؟! - أي : أما تستغرب من خبر محمد بن الأهتم ؟! - قال [ ما له ؟ ] ، فقلنا :
دخلنا عليه آنفاً و هو يجود بنفسه - يحتضر - فقال لن ا: انظروا إلى ذاك الصندوق فيه ثمانون ألف دينار ، أو قال : درهم ، لم أؤد منها زكاةً ، و لم أصل منها رحماً ، و لم يأكل منها محتاج . فقلنا: يا أبا عبد الله ! فلمن كنت تجمعها؟! قال : لروعة الزمان ، و مكاثرة الأقران ، و جفوة السلطان - أخاف أن السلطان يغضب عليَّ ، فلا يعطيني المقسوم ، و الأقران أكاثرهم بالمال ، و أستعد لروعة الزمان ، هذه القصة التي قيلت للحسن ، فقال الحسن - معلقاً على ذلك ، و لا يمكن أن يفوت مثله - 0]انظروا من أين أتاه شيطانه ؛ خوَّفه روعة زمانه ، و مكاثرة أقرانه ، و جفوة سلطانه ] ثم قال 2]أيها الوارث ! لا تُخْدَعَنَّ - يقول الآن للوارث الذي ورث الثمانين ألفاً هذه من ذلك الرجل الشحيح البخيل المقصر - كما خُدِع صُوَيْحِبُك بالأمس ، جاءك هذا المال ، لم تتعب لك فيه يمين ، و لم يعرق لك فيه جبين ، جاءك ممن كان له جموعاً منوعاً ، من باطل جمعه ، من حق منعه ] ثم قال الحسن 0]إن يوم القيامة لذو حسرات ، الرجل يجمع المال ، ثم يموت و يدعه لغيره ، فيرزقه الله فيه - أي: في الوارث - الصلاح و الإنفاق - في وجوه البر - فيجد - البخيل ، المانع الحقوق - ماله في ميزان غيره فيتحسر ] - أي: يوم القيامة - .
و قال الحسن 0]قدم علينا بشر بن مروان ، أخو الخليفة ، و أمير المصريين ، و أشب الناس ، و أقام عندنا أربعين يوماً ، ثم طعن في قدميه فمات ، فأخرجناه إلى قبره - يقول الآن قصة فيها موعظة ، انطباعه عن هذا المشهد ينقله إلينا ، يقول - فلما صرنا إلى الجبَّان - المقبرة - إذ نحن بأربعة سودان يحملون صاحباً لهم إلى قبره - هذا جمع عظيم مع هذا الرجل المشهور ، و ذاك واحد مسكين معه أربعة سودان يحملونه إلى قبره - فوضعنا السرير عن الجنازة فصلينا عليه ، و وضعوا صاحبهم فصلوا عليه - نحن في مكان و هم في مكان آخر في المقبرة - ثم حملنا بشر بن مروان إلى قبره ، و حملوا صاحبهم إلى قبره ، و دَفَنَّا بشراً ، و دفنوا صاحبهم ، ثم انصرفوا و انصرفنا ، ثم التفتُ التفاتة فلم أعرف قبر بشر من قبر الحبشي ، فلم أر شيئاً قط كان أعجب منه . أي: بعدما تولينا كلنا من المقبرة نظرتُ ورائي فما عرفت أياً من القبرين الذي قبر فيه بشر بن مروان - فاعتبرها موعظة ] - أي: هذه مظاهر ، لكن في النهاية صاروا في القبرين سواء، قبران متشابهان ، كلاهما في القبر. و قال رجل للحسن : إني أكره الموت ، قال الحسن 0]ذاك أنك ادخرت مالك ، و لو قدَّمْتَه لسَرَّك أن تلحق به ] لو أنفقتَه في سبيل الله لسَرَّك أن تلحق به . و من تعليمه لرجل في المباركة بالمولود : عن عوف قال: قال رجل في مجلس الحسن : لِيَهْنكَ الفارس ، قال له الحسن ] فلعله حامِر - ما يدريك أنه فارس ! ربما يكون حَمَّاراً ، يعني: في البلادة و الغباء و عدم التدبير - إذا وهب الله لرجل ولداً فقل: شكرتَ الواهب ، و بورك لك في الموهوب ، و بلغ أشده ، و رُزقت بره ] .
كان ممن يقاوم الشرك الأصغر و الأكبر بأنواعه ... حتى قال رجل من بني مجاشع : جاء الحسن في دم كان فينا ، فخطبهم فأجابه رجـل ، فقال : قد تركتُ ذلك لله و لوجوهكم . - هناك قضية دماء ، الحسن أراد أن يصلح فيها ، فيجعل أهل المقتول يتنازلون ، فجاء رجل من أهل المقتول ، قال : قد تركت ذلك لله و لوجوهكم - يعني : من أجل الله و من أجلكم - فقال الحسن [ لا تقل هكذا ، بل قل : لله ثم لوجوهكم ، و آجرك الله ] . أثابك الله على تنازلك ، و لكن لا تسوِّنا بالله ، تقول : تركتها لله و لكم ، لا يصلح أن تسوي بيننا و بين الله ، قل : لله ثم لكم . و هذا نظائره كثيرة ، مثل أن تقول : لولا الله ثم فلان ، لا تقول : لولا الله و فلان ، فهي شرك ، بل لولا الله ثم فلان ، لا تجعل الخالق والمخلوق بمنزلة واحدة ، و تعطف هذا على هذا.
معَ نفسِڪْ ™
إألجنـس !! » : انثىمُشاركاتًـي » : 58
تـآأريـخ تسًجيـلك ~ » : 12/04/2011
موضوع: رد: من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح الخميس أبريل 14, 2011 2:04 pm
و بالنسبة لوفاته رحمه الله تعالى ... فإنه لما حضرته الوفاة جعل يسترجع - يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون - فقام إليه ابنه ، و قال: يا أبتي! قد غممتنا ، فهل رأيت شيئاً ؟! ، قال [هي نفسي ، لَمْ أُصَبْ بمثلها ]. و يُروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال [لقد نبَّهتموني من جنات و عيون ، و مقام كريم ] . و قال رجل قبل موت الحسن لـابن سيرين - وابن سيرين كان مشهوراً بتعبير الرؤى و الأحلام - : رأيتُ كأن طائراً أخذ أحسن حصاة بالمسجد ؟ ، فقال ابن سيرين: إن صدقت رؤياك مات الحسن. أي : هو أحسن من عندنا في المسجد ، فلم يكن إلا قليلاً حتى مات الحسن ، و وقع تفسير و تأويل الرؤيا . و كانت وفاة الحسن رضي الله عنه ليلة الجمعة ، في أول رجب سنة 110هـ . و قد عاش - كما قال ابنه - نحواً من 88 سنة ، عمراً مباركاً في طاعة الله ... و كانت جنازته مشهودة ، و صُلِّي عليه عُقيب صلاة الجمعة بـالبصرة ، فشيَّعه الخلق و ازدحموا عليه . قال حُميد الطويل : توفي الحسن عشية الخميس ، و أصبحنا يوم الجمعة ، ففرغنا من أمره - أي: جهزناه - ، و حملناه بعد صلاة الجمعة ودفناه .
و هذه نهاية هذه السلسلة في هذا الوقت ، و لعلنا نعود إليها مجدداً إن شاء الله تعالى . و نسأل الله التوفيق و الإخلاص . و صلى الله و سلم على نبينا محمد ، و على آله و صحبه أجمعين . اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علّمتنا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
من السير الذهبية للعلماء -: سيرة الإمام الحسن البصري :- للشيخ محمد صالح المنجد بسم الله الرحمن الرح